يقول القديس مار إفرام السرياني :

الجحيم مملوء بأهل سدوم والآشوريين و الجبابرة الذين كانوا وقت الطوفان

القديس إفرام السرياني( 306-373م) ،  أوسابيوس القيصري ( 265-240م ) ، ترتلسانوس القرطاجي ( 160-250م)


إذا حاولنا أن ندرس في حدودنا نجد أن أعمال العالم  العظيم للكنيسة السريانية : مار افرام السرياني سوف تسير الدهشة وذلك لمعلوماته و حسن بصيرته الذي استطاع أن يسجلها على الورق. كان مار افرم السرياني بالحق عالما عظيما إذ كانت له القدرة على رؤية الأحداث غير المرئية المختصة بالأيمان و على هذا فإن كثير من علماء هذه الأيام يقدم الاحترام الكبير له و قد وصفه القديس يعقوب السروجي قائلا عنه : إفرام هذا الذي أصبح تاج مجد لكل الآراميين إذ صاروا بواسطته أقرب لروعة القمة الروحية حيث كان خطيبا وواعظا جليلا من السريان

يعتبر القديس إفريم [ إفرم – أفراي ] خطيبا بارعا لا يضاهيه أي شاعر إذ كانت له قدرة نادرة على  كتابة القصائد التي تجعل كل واحد يقدم له الاحترام و الإجلال.

و قد كتب كتابات لها قدرها في مجالات متنوعة و هو دائما يركز اهتمامه على جلال الرب الإله الغير المقهور. و تكلم أيضا عن الصوم و الصليب و قيامة البشر. و الناس وقت الطوفان و عن الجبال و المدن .

 و هزيمة الشيطان . ولم يستطع أحد أن يعمل مثل أعماله هذه. و مثال على ذلك أنه كتب أغاني عن قوة الإمبراطوريات القديمة مثل "  مصر- أشور - السامرة "  إذ كان يعتبر أن هذه الإمبراطوريات نوع من المقاومة       و العصيان لمجد الله .

و قد كتب أعمالا كثيرة لا يمكن حصرها و نظرا لشهرته الكبيرة ترجم العديد من أعماله هذه لكثير من اللغات الأخرى . لأنه لم يكن  طبيب الكنيسة السريانية فقط بل كانت الكنائس الأخرى تجله وتحترمه .

أهل سدوم و الآشوريين و الجبابرة وقت نوح.........

مثلما قلت من قبل أن القديس مار إفرام السرياني كتب ترانيم في مواضيع متعددة ذاكراً كل هؤلاء في ترانيمه ( نصيبين) <Nisibin> :

كتب فيها عن تدمير إمبراطورية أشور قائلا :

( الجحيم مملوء بأهل سدوم و الآشوريين الجبابرة الذين كانوا وقت الطوفان ) و [ كتاب ترانيم نصيبين ، فيما يتعلق بالموت و الشيطان ].

و من الممتع جدا أن نلاحظ هنا أن القديس افرام قد تحدث عن كل من :أهل سدوم و الآشوريين و الجبابرة في نفس الوقت . ترى ماذا فعلت هذه الأنواع المختلفة من الناس لكي يذكرهم جميعا القديس افرام ؟

ما هو السبب وراء ذلك ؟

هناك بعض التعليقات حول هذا الموضوع :

 

و هنا تعليقات قليلة بخصوص هؤلاء الناس الذين تحدث عنهم القديس افرام في ترنيمته.

1 سدوم و عمورة

ترجع شهرة  قصة سدوم و عمورة إلي أن العمل اللاأخلاقي الجنسي كان منتشرا في المدينة . و قد وصف الكتاب المقدس الخطايا التي فعلها أهل سدوم و عمورة قائلاً :

 " و كان أهل سدوم أشرارا و خطاة لدى الرب جدا "( تكوين 13 :13)

إن الخطايا و الشرور التي أرتكبها أهل سدوم كانت مفزعة جدا حتى أن الله هبط من السماء ليراقب هذه الأشياء التي قيلت عن المدينة . و في سفر التكوين( 16:18-33 ) نقرأ عن المحادثة بين السيد الرب و إبراهيم بخصوص الخطايا التي ارتكبت في سدوم و عمورة قال الرب لإبراهيم :

ن صراخ سدوم و عمورة قد كثر و خطيئتهم  قد عظمت جدا " ( تك18 : 20)

و قد جاء ملاكي الرب إلى سدوم ليتأكدا من الاتهام و نزلا ضيوفا عند لوط ابن آخي إبراهيم ( تك 19 : 1-26)

على أية حال فإن الاستقبال الذي لهذين الملاكين من أهل سدوم و عمورة لم يكن حقا جدير بالثناء إذ نقرأ في ( تك1 9 : 4-5)

"و قبلما أضجعا أحاط بالبيت رجال المدينة (سدوم) من الحدث إلى الشيخ .كل الشعب من أقصاها فنادوا لوطا و قالوا له : أين الرجلان اللذان دخلا إليك الليلة ؟ أخرجهما إلينا لنعرفهما " .

فقد كان أهل سدوم و عمورة يريدون أن يضجعا معهما و نتيجة لذلك فإن العدالة الإلهية قد تمت على سدوم و عمورة . و نستطيع أن نقرا في ( تك 19 : 24-25 )

" فأمطر الرب على سدوم و عمورة كبريتا و نارا من عند الرب من السماء و قلب تلك المدينة و كل الدائرة و جميع سكان المدن و نبات الزرع "

و قد ذكر  دمار سدوم و عمورة في الكتاب المقدس بواسطة أنبياء كثيرين لكي  يحذروا البشرية من تلك الأفعال المشينة  لأنه لا يمكن لأي إنسان أن يهين جلال الله خالق السماوات و الأرض بدون أن يعاقب .و نذكر على سبيل المثال :

 قد لوحظ  بصفة عامة أن الإنسان   يصبح  بدون أخلاق و بدون ضمير حينما لا يوجد ما يحذره في الحياة .و عندما تكون الأوضاع الاقتصادية جيدة.  يبدأ بالتدريج في الاستقلال عن الله . و يسير في الحياة بدون تقديم الاعتبار لله .

أن السبب وراء الأعمال الغير أخلاقية و العصيان لسدوم و عمرة- و ما نتج عنه قضاء الرب الإله - كان في التقدم و النجاح الاقتصادي المذهل الذي حققه أهل سدوم و عمورة . ولذلك السبب أختار لوط ابن آخي إبراهيم لنفسه أن يعيش في أرض سدوم و عمورة فهو اختيار يوفر الراحة و السعادة من وجهة النظر الاقتصادية .و ذلك كما هو مكتوب في( تك 13 : 10 ) فيقول الكتاب:

" فرفع لوط عينيه و رأى كل دائرة الأردن أن جميعها سقى . قبلما أخرب الرب سدوم و عمورة كجنة الرب كأرض مصر حينما تجيء إلى أرض صوغر "

+ كجنة الرب : هذه الكلمات التي تعبر عن جمال سدوم و عمورة ليست عبثا .

فهي تعكس الحالة الاقتصادية العظيمة لها .

و لسوء الحظ أصبح أهل سدوم و عمورة معتزين جدا بأنفسهم متجاهلين كل وصايا الرب الإله فكسروا كل ما يربطهم بالرب الإله .

و كان هذا سبب غضب الرب عليهم الذي يتضح من قوله :

" إن سدوم أختك لم تفعل هي ولا بناتها كما فعلت أنت و بناتك .هذا كان إثم أختك الكبرياء و الشبع من الخبز و سلام الاطمئنان كان لها و لبناتها و لم تشدد يد الفقير والمسكين و تكبرن و عملن الرجس أمامي فنزعتهن كما رأيت "( حزقيال 16 : 48-50 )

2-الآشوريين

 كان الآشوريون متكبرين و متغطرسين ووحشيين لا يخجلون واثقين بأنفسهم - كمثل أهل سدوم و عمورة - إذ قالوا لحزقيا ملك يهوذا كما جاء في سفر( الملوك الثاني 19 :1-13 ) :

" لا يخدعك إلهك الذي أنت متكل عليه قائلا لا تدفع أورشليم ليد أشور . إنك قد سمعت ما فعل ملوك أشور لجميع الأراضي لإهلاكها و هل تنجو أنت ؟ "

هذا بالطبع يعطينا فكرة عن غطرسة الآشوريين إذ أنهم يعتبرون إنه لا يوجد أحد مثلهم . ولهذا السبب قال النبي ناحوم : " منك خرج المفتكر على الرب  شرا . المشير بالهلاك .(ناحوم 1 : 11 )

و قد أخبرنا آباء الكنيسة الأوائل عن الممالك القديمة جدا و التي كانت تعيش في منطقة( ميزو بتاميا) و عن ممالك أخر ى مثل الكلدانيين و الحيثيين و المصريين و العيلاميين و السومرييين ولأكاديين و الآشوريونإلى آخره .

و في كثير من الأحيان ذكروا هذه الممالك في كتاباتهم لتوضيح الأشياء التي يريدونها .

مثال على ذلك مملكة الآشوريين : يعرف آباء الكنيسة دائما هذه المملكة على أنها  مملكة الشيطان و إبليس .

و تطبيقا على ذلك:

+ ذكر أسقف الآراميين الشرقيين (النساطرة ) و أسمه { بار بهلول } في قاموسه : أن < أشور- الآشوريين> تعنى أعداء بقوله عنهم : إبليس و الشيطان .

+قام أيضا المؤرخان المشهوران : أوسابيوس القيصري و العلامة ترتليانوس بتوضيح هذا المعنى بنفس الطريقة .

 و سوف يشرح ذلك بالتفصيل فيما بعد .

أما بالنسبة للتصرفات الغير أخلاقية للآشوريين نقر أعن ذلك في( ناحوم  3 :1-7 )

"ويل لمدينة الدماء . كلها ملآنة كذبا و خطفا لا يزول الافتراس . صوت السوط و صوت رعشة البكر و خيل تخبو  و مركبات تقفز و فرسان تنهض و لهيب السيف و بريق الرمح و كثرة جرحى ووفرة قتلى و لا نهاية للجثث . يعثرون بجثثهم .من أجل الزانية الحسنة الجمال صاحبة السحر البائعة أمما بزناها و قبائل بسحرها . هاأنذا عليك يقول رب الجنود فأكشف أذيالك إلى فوق وجهك و  أرى الأمم عورتك  و الممالك و خزيك . و أطرح عليك أوساخا أهينك و أجعلك عبرة. و يكون كل من يراك يهرب منك و يقول خربت نينوى من يرثى لها . من أين أطلب لك معزيين . "

+و قال مار افرام السرياني بخصوص الأعمال الغير أخلاقية للآشوريين " يا إلهي إن جرائمي كثيرة و آثامي ثقيلة جدا. لتحملها الأكتاف " ( ترنيمة النصيبين 6 : 7 )

و فيما يخص أشور و الآشوريين نقرأ الكتاب المقدس :

1- فى صفنيا( 2 : 13-14 )

" و يمد يده على الشمال و يبيد أشور . و يجعل نينوى خربا يابسة كالقفر . فتربض في وسطها  القطعان كل طوائف الحيوان . القوق و القنفذ يأويان إلى تيجان عمدها . صوت ينعب في الكوى خراب على الأعتاب . لأنه قد تعرى أرزيها"

( انظر أيضا أشعياء 10 :16 -17 و 10: 25 و 30: 22 - 33 )

2- في ناحوم (1 : 9- 12 ) نقرأ :

" ماذا تفتكرون على الرب ؟ هو صانع هلاكا تاما . لا يقوم الضيق مرتين . فإنهم و هم مشتبكون مثل الشوك و سكرانون كمن خمرهم يؤكلون كالقش اليابس بالكمال . منك خرج المفتكر على الرب شرا المشير بالهلاك هكذا. قال الرب . إن كانوا سالمين و كثيرين هكذا فهكذا يخزون. "

3- نقرأ في ناحوم ( 1 : 14 ) :

و لكن قد أوصى عنك الرب لا يزرع من أسمك في ما بعد . إني أقطع من بيت إلهك التماثيل المنحوتة و المسبوكة . أجعله قبرك لأنك صرت حقيرا ."

4- نقرأ أيضا في ناحوم ( 2 : 13 ) :

" ها أنا عليك يقول رب الجنود  فأحرق مركباتك دخانا و أشبالك يأكلها السيف  أقطع من الأرض فرائسك ولا يسمع أيضا صوت رسلك "

5- و نقرأ في أشعياء النبي (30 : 31 ):

" لأنه من صوت الرب يرتاع أشور . بالقضيب يضرب  "

," و يسقط أشور بسيف غير رجل و سيف غير إنسان يأكله فيهرب من أمام السيف و يكون مختار وه تحت الجزية .( أش 31 :8 )

6- و من أشعياء النبي نقرأ أيضا( 10 : 17 ) :

                       "يسير نور إسرائيل نارا و قدوسه لهيبا فيحرق  و يأكل حسكه و شوكه في يوم واحد."

3- الجبابرة في وقت نوح و الطوفان العظيم

المجموعة الثالثة من الناس التي تكلم عنها القديس افرام في ترنيمته (نصيبين) هم الجبابرة في وقت

 نوح الذين غرقوا في الطوفان

 إذ و بخصوص الحالة الأدبية في وقت نوح نقرأ في الكتاب المقدس:

"و رأى الرب شر الإنسان قد كثر في الأرض و أن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم . فحزن الرب إنه عمل الإنسان في الأرض . و تأسف في قلبه و قال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته ز الإنسان مع بهائم و دبابات و طيور السماء لأني حزنت أنى عملتهم ."(تك 6 : 5- 8 )

 نقول مرة ثانية  أن سبب الأفعال الغير أخلاقية هو الكبرياء و الغطرسة و الاعتزاز بالنفس . و تلك الأسباب عينها هي التي تؤدى إلى استقلالية الإنسان في علاقته مع الرب الإله . إذ يريد الإنسان أن يقود حياته بمعزل عن الله( عدم وجود علاقة )و هو ما يسمى في   الوقت الحاضر ب (الانعزالية ). بمعنى أن تأخذ قرارك في حياتك بدون الارتباط بأحد .و الحقيقة أن الروح السائدة الآن تجعل كل

شخص يأخذ قراراته بدون الالتزام بقوانين الأدب و الأخلاق.

و في ظل هذه الطريقة { الانعزالية } يتحقق القول بأنه لا جديد تحت الشمس . إ ذ أن الذي  يحدث الآن ما هو إلا صدى لما قد حدث في الماضي و إن كان قد أخذ شكل آخر . و إنه لمن المحزن أن نقرأ أن الفساد الأخلاقي و عدم الالتزام بالوصايا كان موجود بدرجة عالية جدا في أيام نوح . إذ يقول الرب أن :" شر الإنسان قد كثر في الأرض و كل تصور قلبه إنما هو شر كل يوم "

+ : "و في سفر التكوين نقرأ مزيدا عن هذا الفساد :

"و فسدت الأرض أمام الله و امتلأت الأرض ظلما . و رأى الله الأرض فإذ هي فسدت . إذ كان كل بشر قد أفسد طريقه على الأرض" (تك 6 :11 ).

+و في قول الرب لنوح "نهاية كل بشر قد أتت أمامي لأن الأرض امتلأت ظلما منهم . فها أنا مهلكهم مع الأرض ,فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء كل ما في الأرض يموت ". (تك6 : 17 )

+ و قد تكلم القديس مار افرام السرياني عن جبابرة نوح .

و بخصوص هؤلاء الجبابرة نقرأ في الكتاب المقدس :

" و حدث لما أبتدأ الناس يكثروا على الأرض وولد لهم بنات . أن أبناء الله رأوا بنات الناس إنهن حسنات . فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا." (تك 6 : 1, 2 )

, "كان في الأرض طغاة في تلك الأيام و بعد ذلك أيضا إذ دخل بنوا الله على بنات الناس وولدن لهم أولاد . هؤلاء هم الجبابرة

الذين منذ الدهر اسمهم ." (تك 6 :4 )

+ هذا هو الوضع بالضبط قبل حدوث الطوفان العظيم حيث وصل الفساد الأخلاقي و الانحلال إلى أعلى مستوى له.لذلك نقرأ عنهم أنهم " اتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا " .( كما يحدث في وقتنا هذا بالضبط ). و قد وصل العصيان ضد الله إلى الذروة إلى درجة أن القيم و المعايير قد تلاشت.

.ولد هؤلاء الجبابرة   بسبب حدوث تزاوج بين (أبناء الله ) و بنات تلك الأيام . و ليس من المؤكد إن أن هؤلاء الجبابرة هم جبابرة في أحجامهم بالمعنى الحرفي للكلمة . إذ إنه من الطبيعي عندما يتزوج رجل و امرأة ذو أحجام طبيعية ينجبان أبناء ذو أحجام طبيعية أيضا و لكنه من المستحيل أن ينجبا أطفال جبابرة  (عمالقة ).

+ و نقطة أخرى في هذا البحث تحتاج إلى توضيح إلا وهى : هل المقصود بكلمة ( أبناء الله ) هم هؤلاء الكائنات الذين هم من لحم ودم ؟؟ أم أن الكتاب المقدس يقصد شيئا آخر؟ 

طبقا لرأى القديس إفرام : فإن المقصود"  بأبناء الله " هم  أبناء المؤمنين الذين تزوجوا من بنات  غير المؤمنين حيث ولد لهم أبناء من نوعية لها قوة شيطانية . الذي يمكن أن يوصفون ب ( جبابرة الروح ).

و هذا التفسير قديم جدا إذ ذكر من زمن بعيد. على أية حال هناك احتمال أخر له الكثير من الأسانيد الكتابية   فيما يختص بالمعنى المقصود من " أبناء الله "

1- نقرأ في أيوب (1 : 6 ):

" و كان ذات يوم أنه جاء بنوا الله ليمثلوا أمام الرب و جاء الشيطان أيضا وسطهم"

2- و نقرأ أيضا في أيوب (38 : 7 ):

" عندما ترنمت كواكب الصبح معا و هتف جميع بنى الله "

3- و نقرأ في مزمور( 82 :1 ) :

"الله قائم في مجمع الله . في وسط الآلهة يقضى ".

من الاقتباسات السابقة نجد أن الفكرة قد وضحت أن" أولاد الله" أو الآلهة هم كائنات سماوية و بأكثر تحديد هم الملائكة الذين سقطوا و إذا كان هذا الفرض صحيحا تبقى كثير من المشكلات غير واضحة منها:

كيف استطاع الملائكة الذين سقطوا أن  يتزوجوا البنات الذين كانوا في وقت نوح. بينما نقرأ بوضوح:

" هم اتخذوا لأنفسهم كل ما اختاروا ".

و هذا يحتاج لشرح كثير من التوضيح.

+ و هناك كتاب ال "أبو كريفة "و يسمى" هينوش" و هو كتاب ليس من مجموعة الكتب القانونية المقدسة و يوجد في هذا الكتاب الغير قانوني  "هينوش " ما يكشف عن سلوك " أبناء الله مع بنات تلك الأيام.

في 1( هينوش 6 : 2 ) نقرأ:في تلك الأيام عندما تكاثر أبناء الناس و كانت بناتهم جميلات . جاء الملائكة ( أبناء السماء ) إلى الوادي و قالوا لبعضهم البعض  " دعنا نختار لأنفسنا زوجات من بنات الناس فينجبن لنا أطفالا.

 أختلط الملائكة " أطفال السماء " " أبناء الله "ببنات الناس الجميلات  .(1 هينوش 6: 2 ).

 الملائكة( أطفال السماء) " أبناء الله"  اختلطوا ببنات الناس الجميلات .(1 هينوش 7 : 12 )

و أتخذ  الملائكة معا لهم زوجات و كل منهم أختار لنفسه واحدة . فحملن وولدن الجبابرة العظام الذين وصل ارتفاعهم إلى  3000 إلس.! (1 هينوش 6 : 2)

الملائكة الذين سقطوا  متهمين  في سلوكهم هذا تجاه بنات الناس حيث   نقرأ في ( 1 هينوش 15 ك 3- 4 ):

: لماذا تركت العلو و القداسة و السماء الأبدية و سقطت مع النساء . و دنستم أ نفسكم مع بنات الأرض و فعلتم مثل أهل الأرض و أنجبتم جبابرة أولادا لكم . و بالرغم من أنكم  مقدسين  روحيين وتعيشون في الحياة الأبدية .قد دنستم أنفسكم بدم النساء و أنجبتم لأنفسكم أطفالا من لحم و دم ." 

لعل من هذه  الاقتباسات نأخذ انطباعا أن أولاد الله هم الملائكة الذين سقطوا .

و إذا كان هذا حقا فهذا يعنى أن الملائكة تزوجوا من النساء التي كانت في وقت نوح ثم أنجبن لهم أطفالا . و لذلك يتمتع الجبابرة بذكاء عالي جدا ( شيطاني )بالمقارنة بالأطفال الذين من رجل و امرأة عاديين .

و من المعروف أن الملائكة الذين سقطوا قد خلقوا ككائنات مقدسة ليخدموا العالم السماوي ثم أنساق  بعض منهم للشيطان فسقطوا مثله و النتيجة أنهم أصبحوا عبيدا للأعمال الغير أخلاقية التي للبشر ذو اللحم و الدم.

تعليقات قليلة حول المجموعات الثلاثة من الناس

+ ناقشنا في القصة السابقة ثلاثة مجموعات من الناس التي ذكرها القديس مار إفرام في ترنيمته حيث قال عنهم :

" الجحيم مملوء من أهل سدوم و الآشوريين و الجبابرة الذين كانوا في وقت الطوفان "

و بخصوص كيفية تدمير هؤلاء الناس هناك بعض الملاحظات

+ بالنسبة لأهل سدوم و عمورة .

لا أحد ينكر الإبادة الكاملة لأهل سدوم و عمورة و لجميع الناس التي كانت موجودة و وقتئذ . ويبقى السؤال إلا وهو كيف قضى عليهم أو كيف تم تدميرهم ؟

 إنه من المعروف جدا أن أهل سدوم و عمورة قد دمروا من السماء . والعلماء يقولون : أن السماء قد أمطرت نيازك.

+ و الجبابرة الذين كانوا في وقت نوح تم تدميرهم بالطوفان العظيم . و هذه حقيقة حدثت بالفعل منذ زمن بعيد و لا يستطيع أحد أن ينكرها. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : لماذا قارن القديس افريم بين أهل سدوم و الآشوريين و الجبابرة وقت نوح ؟ لماذا اختار الآشوريين من العصور القديمة كمثال و لم يختار مثالا آخر كالمصريين ..أو النوبيين.... أو أي شعب آخر؟

حسنا في إجابة بسيطة الإجابة على ذلك . لأن الآشوريتين تم القضاء عليهم بنفس الطريقة السابقة و هي عن طريق التدخل المباشر من الرب الإله. كيف حدث هذا بالضبط ؟ حسنا ..............................

..............بصاعقة من السماء..........

     يقول أوسابيوس بمفليوس أسقف قيصارية - إسرائيل ( 0265 -340 م). الملقب  " أب التاريخ الكنسي "  عن تدمير مملكة الآشوريين: في انقلاب مملكة الآشوريين التي دمرت بصاعقة من السماء .....

( حقا سوف يخمد السباق المحموم . و الموت نفسه سيبطل و تكون الحقيقة في قيامة الأموات مرة أخرى . إن سباق  الآشوريين قد أنتهي. (كتابه:  مجمع القديسين)

+و المتعة هنا إن نوجه الانتباه للجانب الروحي واللاهوتي   في هذه القصة .إذ  نقرأ في كل الاقتباسات الخاصة بأوسابيوس القيصري   ما يدور  حول الموت - الخطية - الشر- الشيطان. و الذي يمثل الشخصية البارزة في قصة الآشوريين السابقين  

و كما ذكر من قبل أن آباء الكنيسة الأوائل استخدموا ذكر الآشوريين للدلالة على الشيطان و الشر و الخطية . و يا لها من حماقة و سخافة أن تقوم بعض الناس الأميين الجاهلين  بإرجاع أصلهم إلى الآشوريين منتهزين الفرصة المناسبة ليقدموا نصيحة سيئة للناس 

قائلين أن آباء الكنيسة السريانية قد ذكروا تكرارا عن الآشوريين دون رغبة لفهم ما المقصود بالنص الكتابي لكتاباتهم., و أكثر من هذا فان لديهم أشكال مختلفة  من البرهان لتوضيح قيمة الآشوريين !!.أن هذا منتهى السخافة و الحماقة .

و بقيامة الرب  قضى على الموت و الخطية و السباق المحموم و سباق الآشوريين . و كما قضى تماما غلى الموت بقيامة الرب هكذا فلآشوريين قد قضى عليهم تماما .

عزيزي القارئ من فضلك انتبه للحقيقة فإن اوسابيوس قال أن سباق الآشوريين أنتهي.: بانتصار الرب على قوة الشيطان

وفى نفس الوقت أختفي الآشوريين  القدماء بتدخل واضح من السماء.

و في أشعياء النبي (14 :11 -17 ) نجد مثالا آخر يشرح سقوط الشيطان. و قد استخدم ملك بابل  كشخصية معروفة .

           ولسبب هام جدا تمت المقارنة بين الشيطان و ملك بابل . حيث أن الثاني أخذ كل شيء من الله حتى أصبح مقاوما عنيدا ضد الله.

 إن هذا الحدث قد و قع بالفعل في الماضي و ذكره الكتاب ليشرح سقوط الشيطان . و مثلما سقط الشيطان كنتيجة للكبرياء هكذا سقط ملك بابل بسبب كبرياؤه . و بنفس الطريقة نقول إنه قد تم القضاء على قوة الآشوريين بتدخل مباشر من السماء. 

 

كوينتس  سبتيموس فلورانس ترتليانوس محامى من قرطاج

(القرن الثاني-القرن الثالث قبل الميلاد )

كان ترتليانوس محامى من قرطاج( إفريقيا- تنيزيا) و كان كاتبا بارعا . و في كتابه ( ردا على اليهود ) - الفصل التاسع قال عن ميلاد الرب يسوع: "بداية لإثبات ميلاد المسيح يسوع نجد أنه قد خبر عنه في الأنبياء مثلما تنبأ عنه  أشعياء النبي قائلا :اسمعوا يا بيت داود ليس قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا إلهي أيضا ز و لكن يعطيكم  السيد نفسه آية : ها العذراء تحبل و تلد أبنا و تدعو اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا . زبدا و عسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر و يختار الخير. و سوف ينال قوة من العلي قبل أن يتعلم أن يقول أبى و أمي لمقاومة ملك أشور ز وقد ذكر التعبير " في مقاومة ملك أشور " خمس مرات في الفصل ز  التاسع . إن السيد المسيح  ولد ليهزم ملك أشور هذا غريب ؟ أليس كذلك .فمن هو إذا ملك أشور هذا ؟إذا قرأنا أكثر في الفصل   التاسع نجد أن ترتليانوس يفسر لنا معنى ملك أشور بقوله :تبعأ لما جاء في التوراة أن  السحر كان منتشرا  في السامرة و هذا الأمر هو الذي أدى إلى زوالها.

 . و إذا كانت الوثنية  هي عصيان ضد الله. فإن الأكثر من ذلك أن ملك الآشوريين في عصيانه ضد الله مثل الشيطان في عصيانه ضد الله إذ قال ملك الآشوريين في نفسه في  تلك الساعة أن استمراره في الحكم يستوجب الازدراء بالقداسة التي من عند الله .

إنه لمن الممتع جدا أن ترتليانوس يجعل  ملك أشور هو الشيطان نفسه و كما كان السحر ملازما للسامريين هكذا و بنفس الطريقة فإن ملك أشور كان مرادفا و ملازما للشيطان . و في هذا المعنى يقول ناحوم النبي عن الآشوريين السابق ذكرهم :

" منك خرج المفتكر على الرب شرا المشير بالهلاك. (ناحوم 1 : 11 )  

 

عزيزي القارئ من التفسير السابق يتضح جدا كيف فكر آباء الكنيسة في وقتهم بخصوص الآشوريين السابقين و لذلك فهو من المحزن جدا أن بعض الناس في هذه الأيام يرجعون هويتهم إلى الآشوريين القدماء . و ذلك بلصق صور الآشوريين في منازلهم و يعرضون القوة الشيطانية في بيوتهم . إذا كان للإنسان عدوا ليسوع ا لمسيح في بيته. فكيف يؤمن بالمسيح يسوع ذاته ؟ !